يضع التمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى المواقف تجاه النساء في المجتمعات الأبوية، النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة في مخاطر متزايدة للتعرض للعنف. وعلى الرغم من أن النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة يتعرضن للعديد من أشكال العنف التي تتعرض لها جميع النساء، إلا أنه عندما يتقاطع النوع الاجتماعي والإعاقة، فإن العنف له أشكال وأسباب فريدة، ويؤدي إلى عواقب مختلفة.
العنف ضد النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة يحدث في جميع أنحاء العالم. في الولايات المتحدة، واحدة من كل أربع نساء لديها إعاقة. وعلى الرغم من كونهن يمثلن حوالي 25% من الإناث، فإن النساء ذوات الإعاقة يشكلن ما يقرب من 40% من الناجيات من الاغتصاب. وفي كندا، 60% من النساء ذوات الاحتياجات الخاصة من المحتمل أن يتعرضن لشكل من أشكال العنف خلال حياتهن كبالغات. والنساء الأستراليات ذوات الاحتياجات الخاصة أكثر عرضة بنسبة 40% من نظرائهن غير ذوات الإعاقة للتعرض للعنف المنزلي، وقد تعرضت 70% من النساء الأستراليات ذوات الاحتياجات الخاصة للإيذاء الجنسي.
تُستهدف النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة بشكل خاص من قبل مرتكبي العنف بسبب الإقصاء الاجتماعي، وصعوبة الحركة، ونقص هياكل الدعم، والحواجز في التواصل، والتصورات الاجتماعية السلبية. ويمكن أن يشمل نطاق العنف الذي يتعرضن له العنف الجسدي والجنسي، وكذلك الإساءة العاطفية واللفظية.
تشير الأبحاث إلى أن النساء ذوات الاحتياجات الخاصة أكثر عرضة للعنف المنزلي، والإيذاء العاطفي، والاعتداء الجنسي. وهن أكثر عرضة أيضا للشعور بالعزلة وعدم القدرة على الإبلاغ عن الإساءة، أو قد يكن معتمدات على المعنِف في رعايتهن، سواء في المنزل أو في المؤسسات.
ومثل العديد من النساء المعنَفات، عادة ما تتعرض النساء ذوات الاحتياجات الخاصة للإيذاء من قبل شخص يعرفونه، مثل شريك أو فرد من أفراد الأسرة. وغالبًا ما يجدن أنفسهن محاصرات لاعتمادهن على الشخص المعنِف ماديًا واجتماعيًا من أجل البقاء.
وكما ذكرنا سابقًا، على الرغم من أن النساء ذوات الاحتياجات الخاصة يتعرضن لأنواع مشابهة من العنف مثل النساء في المجتمع الأوسع، إلا أنهن غالبا ما يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف الجسدي والنفسي والجنسي.
فتواجه النساء ذوات الاحتياجات الخاصة العديد من أنواع العنف الجسدي والعاطفي والنفسي والاجتماعي، مثل التنمر والتهديد بالعنف في المدارس، والعزلة الاجتماعية، والتقليل من شأنهن بسبب الإعاقة، والعلاج بالصدمات، والإيذاء المتعمد؛ لكسب المزيد من التعاطف كمتسولات، وعدم الوصول إلى الرعاية الإنجابية، وزيادة خطر تعرضهن للاتجار بالبشر.
وبالإضافة إلى أن العنف قد يكون من قبل شريك أو قريب، يمكن أن يكون مصدر العنف أيضا عامل دعم مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر، كما يمكن أن يكون من قبل الغرباء، في بيئة سكنية أو مؤسسية. ويمكن أن يكون الجاني مقيمًا آخرًا أو موظفًا أو طبيبًا أو مزود خدمة. وقد يتعرض أولئك الذين يعتمدن على المساعدة في الرعاية الشخصية إلى عنف وإساءة متكررة، تتراوح بين الإهمال والرعاية السيئة إلى الإساءة اللفظية والجنسية.
تشمل أمثلة الأشكال الأخرى من العنف ضد النساء ذوات الاحتياجات الخاصة ما يلي:
- التهديد بمعاقبتهن أو التخلي عنهن أو إيداعهن في مؤسسة
- التهديد بأن الشرطة أو الخدمات الأخرى لن تصدق تقاريرهن
- التهديد بالإبلاغ عنهن إلى حماية الطفل أو سحب أطفالهن منهن
- التهديدات ضد الحيوانات المساعدة (مثل الكلاب الإرشادية)
- الاستغلال المالي
- الإساءة التي تركز على الإعاقة نفسها
وتتضمن أسباب العنف ضد النساء ذوات الاحتياجات الخاصة:
- الصور النمطية السلبية حول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. على سبيل المثال، تُستخدم الصور النمطية القائلة بأن الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين أو خطيرين لتبرير تقييدهم أو السيطرة عليهم.
- قبول أو تطبيع العنف وعدم الاحترام والتمييز ضد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. على سبيل المثال، يُنظر إلى الشريك أو مقدم الرعاية على أنه “ملاك” لا يمكنه ارتكاب أي خطأ، ويتم تجاهل أو الدفاع عن أي عنف يستخدمه، فيما يُعرف بـ “تأثير الهالة” أو “halo effect”.
- التحكم في عملية صنع القرار لدى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والحد من استقلاليتهم، على سبيل المثال، ترتيبات “صنع القرار البديل” التي تسلب السيطرة على الأموال وظروف المعيشة والمشاركة الاجتماعية من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
- الفصل الاجتماعي واستبعاد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل ممارسات الاحتجاز التعسفي غير المحدد، حيث يتم احتجاز النساء ذوات الاحتياجات الخاصة، في السجون ووحدات الطب النفسي الشرعي، غالبًا دون إدانة.
وهناك العديد من الحواجز والتحديات التي تؤثر بشكل خاص على النساء ذوات الاحتياجات الخاصة والتي تتعلق بالحصول على المساعدة في حالة التعرض للعنف، ومنها: السياسات والمعايير غير الكافية، والمواقف السلبية، وصعوبة الاتصال بالملاجئ أو خدمات التدخل الأخرى، وعدم الوصول إلى المعلومات حول الخدمات المتاحة، وصعوبات في الوصول إلى وسائل النقل، وضعف التواصل، والخوف من فقدان أمنهن المالي أو مسكنهن أو مزايا الرعاية الاجتماعية، والخوف من الإيداع في مؤسسة، وعدم إشراكهن في القرارات التي تؤثر بشكل مباشر على حياتهن.
كما أن العديد من النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة لديهن وصول محدود أو لا يستطعن الوصول على الإطلاق إلى التعليم ولا يعرفن لغة الإشارة الرسمية، وبالتالي يتواصلن فقط من خلال الإشارات التي يفهمها أفراد عائلاتهم المقربون بشكل أساسي.
هذا بالإضافة إلى أن الوصمة المرتبطة بالإبلاغ عن العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وحقيقة أن الجناة هم أحيانًا من أفراد الأسرة، قد تثني النساء عن التقدم ببلاغات عن تعرضهن للعنف.
علاوة على ذلك، غالبًا ما ينظر رجال الشرطة إلى المرأة المصابة بإعاقة ذهنية على أنها ليست شاهدًا موثوقًا به، وفي مثل هذه الحالات قد لا يشرعون في التحقيق في الجريمة.
ونتيجة لذلك، تعيش النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة في نواحٍ عديدة كمواطنات من الدرجة الثانية. وعلى الصعيد العالمي، تقل احتمالية التحاق الفتيات والنساء ذوات الإعاقة بالمدارس وإكمالها مقارنة بنظرائهن الذكور ذوي الاحتياجات الخاصة والإناث غير ذوات الاحتياجات الخاصة. وبالتالي، قد تكون فرصهن الاقتصادية والاجتماعية أقل.
أيضا، تحصل النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة على أدنى مستويات الصحة الجنسية والإنجابية، لأن أفراد المجتمع والعائلة لا يعتقدون أنهن بحاجة إلى هذا النوع من المعلومات أو أنهن قادرات على فهمه. علاوة على ذلك، لا يُسمح للفتيات ذوات الإعاقة في كثير من الأحيان بمواصلة “المراحل الدراسية التي يتم فيها تدريس التربية الجنسية”، بسبب الاستبعاد الاجتماعي من المدارس والمراكز المجتمعية الأخرى. كما أن وصمة العار المرتبطة بتوفير التربية الجنسية للنساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة تجعل من الصعب عليهن التمييز بين السلوك المناسب والعنف/الإساءة.
وتتعرض النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة لخطر متزايد من العنف القائم على النوع الاجتماعي بسبب الوضع الاقتصادي/الفقر، وتستخدم العديد من النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة الفقيرات العمل بالجنس التجاري لتأمين الاحتياجات الأساسية. كما أن الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة أكثر عرضة للإجبار على العمل بالجنس التجاري أو العمل المنزلي، أو الزواج في سن الطفولة، وذلك لتخفيف العبء عن والديهن في رعايتهن أو لزيادة قيمتهن المتصورة من خلال كسب المال أو الزواج.
وبالنسبة للنساء والفتيات اللاتي ينجون من العنف وينجحن في الهروب من بيئة أو وضع مسيء وعنيف، يمكن أن تكون الآثار ضارة بشكل خاص وطويلة الأمد. وتشمل الانخفاض في تقدير الذات، والشعور بالذنب أو العار، وفقدان الثقة في أنفسهن وفي الآخرين، وآثار الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة، ومشاكل الإدمان، والحزن، والاكتئاب، والأفكار الانتحارية.
المصادر
https://www.1800respect.org.au/inclusive-practice/supporting-people-with-disability
https://www.stopvaw.org/violence_against_women_with_disabilities