كتبت نور خالد

تقتصر كتابة أغلب الأعمال الأدبية التي تنتمي إلى أدب الحرب على الرجال. ففي قائمة “أعظم روايات الحرب المكتوبة على الإطلاق” التي جمعتها شركة النشر الدوليةPan Macmillan، من بين 10 روايات مميزة، كُتبت اثنتان فقط من قبل نساء: “ذهب مع الريح” لمارجريت ميتشل و”شهادة الشباب” لفرا بريتن. وعند إلقاء نظرة سريعة على قوائم أخرى لأفضل روايات الحرب نجد الأسماء المعتادة، مثل: “الحرب والسلم” ليو تولستوي، و”لمن يدق ناقوس الموت” لإرنست همنغواي، و”تقدير إلى كاتالونيا” لجورج أورويل.

لا ينبغي بأي حال من الأحوال التقليل من شأن أدبهم، إلا أن الروايات غالبًا ما تقتصر على خطاب الذكورة البطولية في وصف الحرب ولا تأخذ في الاعتبار “الخسارة العاطفية” للحرب. وغالبًا ما يتم الحكم على الكاتبات بكونهن يركزن على سرديات تعتبر “محدودة جدًا” أو “عاطفية” لأنها تميل إلى التركيز بشكل أكبر على الموضوعات المحلية.

تتفق الروائية المخضرمة كارا هوفمان، وهي من المحاربات القدامى، على أن أدب الحرب يهيمن عليه أصوات ذكورية. وفي مقال رأي نُشر في صحيفة نيويورك تايمز عام 2014، جادلت بأن “روايات الحرب -في النثر والشعر والسينما- كانت دائمًا ولا تزال، يسيطر عليها أصوات ذكور. من الكلاسيكيات اليونانية إلى مجموعات القصص الحديثة، تركز هذه الحكايات حصريًا على التجربة الذكورية للمعركة والعودة. بينما قصص النساء في الحرب، من ناحية أخرى، غائبة تقريبًا عن الثقافة.”

وعلى سبيل المثال، رواية “السيدة دالواي” لفيرجينيا وولف. لا تزال ذات صلة، حيث تعد واحدة من أولى أعمال الخيال الحديثة التي تتناول تداعيات الحرب العالمية الأولى. من خلال شخصية سبتيموس، تصور وولف تأثير صدمة القذائف، والتي تسمى الآن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) على المحاربين/ المحاربات القدامى، وتطلب من قارئها التشكيك في شرعية العنف في زمن الحرب.

أما رواية “زمن الحمائم” للكاتبة الكاتالونية المنفية “ميرسيا رودريدا ” فتتناول قصة فتاة شابة بسيطة تعمل في متجر في برشلونة خلال الحرب الأهلية الإسبانية. تنمو البطلة، ناتاليا، لتتحول من فتاة بائسة وخاضعة إلى امرأة قوية. ومن خلال عيون ناتاليا، ترسم ميرسيا رودريدا صورة حية لتأثير الحرب على الناس العاديين، حيث تتناول الرواية موضوعات المرونة والبقاء وقوة الحب الدائمة في وجه المحن.

فيما وُصفت رواية “Machine Dreams” للكاتبة “جين آن فيليبس” من قبل مجلة “The Village Voice” بأنها: “من بين أروع الأعمال الأدبية التي تناولت حربًا شوهتنا جميعًا”. تتناول الرواية، وهي خالية من العاطفية، القصة المعقدة لعائلة أمريكية صغيرة وهي تكافح خلال فترة الكساد الكبير وحرب فيتنام. تنتقل الرواية بسهولة من تصوير أشد العواقب شخصية إلى أعمها، مما يخلق نسيجًا من التجارب التي تبدو حقيقية وضرورية للغاية.

وتعد رواية ” Non-Combatants and Others” (1916) للمؤلفة Rose Macaulay، هي استحضار ذكي وبارع للحياة العائلية للطبقة المتوسطة في ضواحي لندن أثناء الحرب، حيث تعيش النساء في المستشفيات والمقاصف والمؤسسات الخيرية حياة مليئة بالاهتمام والمرح وسط رعب الأخبار القادمة من الجبهة.

أما رواية ماري وارد “المفقود” (1917) فتفصل الآلام التي تشعر بها الأمهات والزوجات في أرض لا أحد فيها بين الألم والخوف، حيث يحاولن تعقب رجالهن الذين تم الإبلاغ عنهم في عداد المفقودين، وغالبا ما يتم قتلهم دون أثر، في فرنسا.

ومنذ اللحظات الأولى للحرب، تبدأ العديد من النساء في كتابة مذكرات لاستعراض هذه الأوقات المضطربة. رواية “The Home Front” (1932) لسيلفيا بانكورست، والتي تعد ملاحظة عن قرب لحياة الطبقة العاملة في شرق لندن تحت ضغوط وقلق الحرب الشاملة، تستند إلى حد كبير على مذكرات سيلفيا المعاصرة للحرب.

وتوثّق “سفيتلانا أليكسوفيتش” في كتابها “الوجه غير الأنثوي للحرب” انخراط النساء في حرب شاملة، حيث يتألف هذا العمل من أصوات أكثر من 500 امرأة يصفن فيها بكلماتهن الخاصة حياتهن خلال الحرب الوطنية العظمى للاتحاد السوفيتي ضد ألمانيا النازية، وما يميز هذا العمل الأدبي هو أنه يركز على النساء في عنف الحرب ليس فقط كضحايا ولكن كمقاتلات.

وبالمثل، فإن كتاب “نساء في الحرب”، من تأليف “دانييلا جوسيف”، هو مجموعة من كتابات الشعر والنثر التي تتحدث عن الحقيقة العالمية للقوة المدمرة للحرب. يستخدم هذا الكتاب كلمات النساء للكشف عن التأثير المحدد للحروب على التجربة الأنثوية. حيث تم تنظيم الأنثولوجيا بشكل أنيق في أقسام تتراوح بين كتابات عن النبوءات والتحذيرات إلى العنف والحزن إلى الأمل والبقاء.

أما رواية “حجر الضحك” لهدى بركات، فتدور حول الحرب الأهلية اللبنانية من خلال حياة ومعضلات خليل، وهو رجل عربي مثلي الجنس، تمتلئ الرواية بالملاحظات الساخرة حول الحياة في بيروت التي مزقتها الحرب.

فيما أنتجت حرب تحرير بنجلاديش أيضًا كتبًا رائعة، كان من بينها كتاب “Ami Birangona Bolchi”، والذي سلطت فيه المربية والعاملة الاجتماعية البنجالية “نليمة إبراهيم” الضوء على شجاعة وصمود بطلات الحرب في حرب التحرير. بينما عملت نليمة إبراهيم في عام 1972 بعد الحرب مع مختلف المنظمات الوطنية والدولية لإعادة تأهيل النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب والتعذيب خلال حرب التحرير، أجرت مقابلات مع بعض من هؤلاء النساء البطلات واحتفظت بسجل تفصيلي لتجاربها، والتي نشرتها لاحقًا في كتاب في عام 1994.

ومن بنجلاديش أيضا، تسلط الكاتبة والناشطة السياسية “جاهانارا إمام” في كتابها Ekattorer Dinguli الضوء على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها باكستان، فيما كان يعرف آنذاك بباكستان الشرقية، بين مارس وديسمبر 1971، والتي تعتبر واحدة من أسوأ أحداث القرن الماضي. تنتقل مذكرات جاهانارا لعام 1971 بسلاسة بين الموضوعات ذات الأهمية السياسية الكبيرة للاهتمامات المحلية، وتحكي كيف شاهدت ابنها المراهق يذهب إلى الحرب، ويعود ملتحي وأشعث الشعر، ليقوم الجنود بأخذه ولا يعود مرة أخرى، فهي رواية عن العنف الذي يحدث خارج المنزل مباشرة والحياة التي تستمر داخله.

 

المصادر

 

https://blog.bookstellyouwhy.com/women-writing-war-literature

https://www.thedailystar.net/star-weekend/literature/news/women-writing-the-war-1630129

https://www.flavorwire.com/326854/10-great-war-books-written-by-women

https://www.telegraph.co.uk/culture/books/authorinterviews/10767171/Top-five-women-writers-of-the-First-World-War.html

https://medium.com/@SycamoreRed/the-stone-of-laughter-hoda-barakat-8b57131c4f90

Tags:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X