آن ماري وچوش ميلر – العنصرية في الولايات المتحدة – الفصل السابع

التقاطعية وغيرها من أشكال الاضطهاد الاجتماعي

الجزء الأول.. المحتويات

الجوانب المشتركة للاضطهاد الاجتماعي

نموذج تيلي للتفاوتات الفئوية

سمات الاضطهاد الاجتماعي لدى لي آنا بيل

 

تلخيص

تعد العنصرية أمرا واقعا، وعلى الرغم من أنها تستند إلى خيال- البناء الاجتماعي للعرق- إلا أن لها عواقب وخيمة على الأفراد والجماعات والمجتمع. وبسبب التأثير العميق للعنصرية على حياة الناس، فإن العرق هو بُعد مهم للهوية الاجتماعية، لكن العنصرية، على الرغم من كونها قوة اجتماعية ونفسية مستقلة، إلا أنها ليست قائمة بذاتها. لا يوجد من يمكن تعريفه من خلال العرق فقط. يتفاعل هذا البعد من الهوية الاجتماعية مع الجنس والطبقة الاجتماعية والتوجه الجنسي ومحاور الهوية الأخرى. وينطبق الشيء نفسه على العنصرية في المجتمع. فهو مرتبط بشدة بأشكال أخرى من الاضطهاد الاجتماعي.

سنناقش في هذا الفصل أربع قوى اجتماعية تتفاعل بشكل كبير مع العنصرية: الطبقة الاجتماعية الاقتصادية، والجنس، والنوع الاجتماعي، وحالة المواطنة والهجرة. على الرغم من أننا سننظر في كل واحد على حدة من حيث علاقته بالعنصرية، إلا أنه في الحقيقة تتفاعل جميع العناصر في وقت واحد بدرجات مختلفة. لذلك، فإن النظر في شكلين من أشكال الاضطهاد الاجتماعي وكيفية تفاعلهما يستبعد تفاعلهما مع الأنواع الأخرى من الاضطهاد الاجتماعي.

لذلك، على الرغم من أننا سننظر في كل من هذه العوامل وارتباطها بالعنصرية بشكل منفصل، إلا أننا سوف نصف بإيجاز كيف أن جميع أشكال الاضطهاد الاجتماعي تتشابه في بعض السمات. نستخدم مصطلح “التقاطعية” لوصف العلاقة بين هذه العوامل، حيث إنه يجسد الارتباطات ونقاط الاتصال التي تحدث داخل الأشخاص (تتجلى في هوياتهم) وفي المجتمع (ويستدل عليه بعدم المساواة والتفاوت في السلطة والامتيازات).

 

الجوانب المشتركة للاضطهاد الاجتماعي

سوف ندرس أولاً نموذج تيلي للتفاوتات الفئوية. وهو ما سيقودنا إلى مناقشة الخصائص الرئيسية للقمع الاجتماعي لدى بيل.

 

نموذج تيلي للتفاوتات الفئوية

سعى عالم الاجتماع الأمريكي تشارلز تيلي (1998) لاستخراج هياكل وديناميكيات “عدم المساواة المترسخة” الرئيسية، وخرج بأربع سمات أساسية:

  1. الاستغلال
  2. اكتناز الفرص
  3. المحاكاة
  4. التكيف

وجادل بأن هذه “التفاوتات الفئوية” تظهر في العديد من الأوساط التنظيمية والمؤسسية، ويستدل عليها من التباينات الفئوية (على سبيل المثال، حسب العرق والجنس والطبقة) في الأجور والرعاية الصحية والسلطة السياسية وجميع المؤسسات المشار إليها في “شبكة العنصرية” في الفصل 4 ننصح بالرجوع له في النسخة الانجليزي.

على الرغم من أن كل فئة من الفئات لها إرث تاريخي خاص بها، إلا أن لها نمط مشترك:

يجتمع الاستغلال من قبل الأشخاص الأقوياء واكتناز الموارد من قبل الأشخاص الأقل قوة لصالح خلق فئات مكافَئة غير متكافئة مرارًا وتكرارًا، بينما تؤمِن المحاكاة والتكيف وضع مثل هذه الفئات في مكانها الصحيح. يؤدي خلق الفئات الداخلية ومطابقتها مع الفئات الخارجية إلى إحداث عدم مساواة راسخ في المنظمات وربطها بالشبكات- الداخلية والخارجية- بطرق تدعم إعادة إنتاجها، وحتى نقلها إلى أعضاء جدد من الفئات.

إن القراء على دراية بمفهوم الاستغلال، الذي ينطوي على استخدام السلطة واستغلالها، والتحكم في الموارد وتوزيعها، ومنح الحقوق والامتيازات، وإنشاء فئات تشمل وتستبعد مجموعات من الناس (تيلي، 1998). ينطوي اكتناز الفرص ضمنيًا على السيطرة الأيديولوجية، وكذلك الهيمنة على المؤسسات والموارد الاجتماعية (هاردمان وجاكسون، 1997). يصف تيلي “شبكات” الأشخاص الأقل نفوذًا والذين تم منحهم امتيازات من قبل صانعي القرار وأصحاب السلطة

… تعزيز سيطرتهم على الموارد المخزنة من خلال قدرتهم على تضمين أو استبعاد أعضاء آخرين فيما يتعلق باللغة، والقرابة، والمغازلة، والزواج، والسكنى، والتواصل الاجتماعي، والدين، والشعائر، والائتمان، والرعاية السياسية … ، يشكل العرق والجنس والتعليم والتدريب المهني والانتماء السياسي والتفضيل الجنسي، في بعض الأحيان، الشبكات والتمييزات القاطعة التي يبني عليها اكتناز الفرص.

تشير المحاكاة، في نموذج تيلي، إلى هياكل عدم المساواة الفئوية التي تعمل في المجتمع ككل وتُكرر في مختلف القطاعات الاجتماعية والمؤسسات والمنظمات. يتواجد نمط عدم المساواة في معظم الوحدات الاجتماعية. عندما يتم دمج الناس اجتماعيًا في هذه التباينات المألوفة، فإنها تصبح معيارية وشائعة. يشير التكيف إلى الطقوس التفاعلية، والنصوص والروايات الاجتماعية، والممارسات الشخصية التي تسهل التفاعل الاجتماعي مع الحفاظ على الحدود الفئوية والتفاوتات المترافقة معها. أحد الأمثلة التي قدمها تيلي (1998) هو استخدام الفكاهة حينما يتحرش الذكور جنسيا بالإناث في أماكن العمل.

تؤدي استراتيجيات التكيف إلى الامتثال والتواطؤ مع البنية الاجتماعية لعدم المساواة الراسخة. يعرض لنا إطار عمل تيلي كيف أن عدم المساواة الراسخة ليست مجرد ظاهرة هيكلية كلية، بل هي أيضًا ظاهرة مقيمة في أشكال مؤسسية أصغر حجمًا، والتي تمتد بعد ذلك إلى أماكن أخرى. تتواجد التفاوتات الراسخة ليس بسبب مجموع المعاملات الاقتصادية والاجتماعية ولكن، بدلاً من ذلك، بسبب استقرار الهياكل.

 

سمات الاضطهاد الاجتماعي لدى لي آنا بيل

حدد كل من الكاتبة لي آنا بيل والكاتب بات جريفين (1997) السمات الرئيسية لكافة أشكال الاضطهاد الاجتماعي:

  • منتشر: فالاضطهاد كلي الوجود و”يدمج التمييز المؤسسي والنظامي، والتحيز الشخصي، والتعصب الأعمى، والتحيز الاجتماعي في شبكة معقدة من العلاقات والهياكل التي تتخم بها معظم جوانب الحياة في مجتمعنا”.
  • مقيد: حيث إن جميع أشكال الاضطهاد الاجتماعي تقيد الفرص، والوصول إلى الموارد والامتيازات، والترقي.
  • هرمي: تتملك المجموعات التي تتمتع بامتيازات بسبب هوياتها الاجتماعية علاقة هرمية مع مجموعات الآخرين الأقل امتيازًا.
  • معقد ومتعدد ومتقاطع العلاقات: تتوافق هذه الخاصية مع النقاط الواردة في الفصل السابق حول تعقيدات الهوية الاجتماعية؛ يتمتع الأشخاص بمزيج معقد من الامتيازات والاستهداف، ما قد يشكل امتيازًا أو عائقا اعتمادًا على سياق الموقف.
  • القمع الداخلي: يميل الناس إلى تبني الرؤى القمعية العالمية والمعتقدات والقيم والمواقف التي تنبع من التفاوتات الراسخة والتي يختبرها المجتمع.

يواصل بيل وجريفين القول إن السمات الموجودة في هذه القائمة مشتركة بين جميع أشكال الاضطهاد الاجتماعي، ولكن يجب علينا أيضًا أن نفكر في الطرق الفريدة والمحددة التي يتجلى بها كل شكل، مثل التمييز على أساس الجنس أو العنصرية.

تساعد التفاوتات الراسخة على تكوين الولاءات والهويات داخل المجموعة وخارجها (تيلي، 1998). تعزز العملية النفسية والنفس اجتماعية لخلق “آخر” مشوه يبرر ويمنطق اللامساواة الاجتماعية، الفروقات بين المجموعات الفئوية (ميلر وشاميس، 2000). تتقارب الفئات الاجتماعية والهوية الاجتماعية وتتقاطع حيث تعكس الهويات الداخلية الانقسامات الاجتماعية الخارجية وتعززها. الأمر الذي يضفي أدوارا وأوضاعا اجتماعية على الأشخاص، والتي تتمثل في الامتياز أو الاستهداف (هاردمان وجاكسون، 1997)، الأمر سيان مع أولئك الذين يحاولون البقاء على الهامش كمتفرجين (ستوب، 2001).

رسمت بوبي هارو (2000) “دورة التنشئة الاجتماعية” لتوضيح كيفية تعليم الأفراد أدوارهم الاجتماعية المختلفة، والطرق التي يتم بها تعزيز هذه الأدوار، وكيف يشكل ذلك الهوية والمواقف والسلوكيات. الشكل 7.1 يصور هذه الدورة.

هناك طريقة أخرى لتصور هذه الأفكار وهي “مصفوفة القهر الاجتماعي” (هاردمان وجاكسون، 1997)، والذي يصور مستويات الاضطهاد (الفردي والمؤسسي والمجتمعي/ الثقافي)، والعمليات النفسية والاجتماعية (الواعية واللاواعية)، وكيف تتجلى في المواقف والسلوكيات. مع وضع هذه المفاهيم والعمليات في الاعتبار، فإننا ناخذ الآن بعين الاعتبار تفاعل العنصرية مع الأشكال الأخرى من التفاوتات الراسخة.

  • الصورة مأخوذة من موقع اللوبي النسوي السوري
Tags:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

دار هنّ elles للنشر والتوزيع