زينب شور- لبنان
الأيام السبعة، نص لـ مروة أبو زيد، من مشاركات ورشة هن للقصة القصيرة. إذا كانت كتابة الرواية تحتاج إلى نفس طويل، فكتّاب القصة القصيرة يحبسون أنفاسهم، يعبّون منها نفسا إثر نفس، ليتوالى السرد مكثفا فيقول الكثير في سطور قليلة. مروة أبو زيد في نصها المعنون ب “الأيام السبعة” تتنقل بخفة بين وحداته السردية حتى آخر حرف، حتى آخر نفس. في نص ” اليوم الأول؛” لا تحتاط الذات الساردة / في البوح عما تعانيه من كآبة في حاضرها، أكان في كشف المستور عند الطبيب النفسي أو ما ترغب أن تكونه في مستقبلها عبر فضفضة نفسية لم تبق أسيرة صاحبتها كما في بعض النصوص الذاتية. جاء الجزء الثاني من القصة استدعاء للماضي من ذاكرة فرضها الحدث الأساس في جلسة الطبيب النفسي تحت موضوع الكآبة وتحت سؤال الشخصية/ الساردة: “هل تستطيع أن تجعل مني شخصا أفضل؟” فكان الجواب عبر الكتابة بمسوّغ داخل القصة (طلب مني أن أكتب كل شيء عن نفسي …لا بد لي أن أكتب) فكتبت عنها نفسها ببطاقة تعريفية وبعض من أحداث طفولتها. فكانت كتابة ضمن الكتابة، اتصلت بخيوط النص دلاليا وبنسيج بنائه السردي وليس محشورا (أنا بسمة…. حتى النهاية) بين الوحدات السردية من خارجها، إنما يُفهم توظيفه دلاليا كاستجابة علاجية عبر البوح بالتذكر والتي منها يتضح أن ما عاشته بسمة في طفولتها حين ترك والدها أمها، وموت الأم بعد وقت قصير، كان له أثر متراكم في مشكلة كآبتها، وربما خوفها من الموت كحالة مصير الأم عليها بعد أن تركها حبيبها. هذا إلى جانب احتواء القصة على التوصيف النفسي والاجتماعي بتفاصيل لا تعتبر زائدة لأنها شُحنت وحملت أبعادًا إنسانية خرجت عن ذاتية الساردة وحياتها الشخصية إلى حياة الناس ومعتقداتهم: إبراهيم الخياط، مهنة الخياطة وارتباطها بطبقة اجتماعية، عمل الأم /المرأة وفكرة الانجاب، …. وما كان للقصة أن تصلنا، بما تشحنه من دلالات، لولا لغتها المكتوبة بتلقائية مبسطة وليست مسطحة؛ جمل قصيرة لا تشرح ولا تفسر، حوارات ثنائية افاضت عما تعانيه الذات من تجربة شعورية مثقلة بحرارة الوجع ولا تخلو من جمالية لغوية لمّاحة تعبر بها الى الذوات الإنسانية بضمير الجمع (حين نتوقف عن الحب نموت.. تموت أرواحنا …سنتوقف عن سماع الموسيقى.. سنصبح بلا معنى..) وبهذا لم تحتج مروة أبو زيد إلى جمل شعرية فارغة منمقة، في حين أنها انشغلت بلغة نفسها، بشعريتها الخاصة، بإشتغالات متنوعة من أساليب السرد الحديث لتصل إلى مراجعة حياتها وتقييمها منطلقة من داخلها الحقيقي، إلى قضايا مجتمعها وبيئتها الاجتماعية وما يحيطهما من مشاكل تربوية معقدة لا حلول لها إلا بالحب، الحب الذي انهت به القصة جعلنا نقف تحت المطر في وجه الموت، نشم العطر، نستمتع بسماع الموسيقى، لنتذوق الحياة.