كتبت: نور خالد
تنشأ إشكاليات العائلات التي تتضمن أمهات ومثليات من أمرين: أحدهما هو التنوع الكبير لتشكيلات الأسرة، والآخر هو حقيقة أنها تعيش في مجتمع لا يقدر التنوع بعد. يخلق التوتر الناتج عن هذه الحالة احتياجات فريدة للآباء والأمهات المثليين والمثليات جنسيًا، وذلك كلما قدموا أنفسهم إلى النظام القانوني، ونظام التعليم، والرعاية الصحية، والمؤسسات الدينية، ونظام التأمينات، على سبيل المثال لا الحصر.
في البداية، من المهم معرفة أن تكوينات الأسرة بين العائلات التي تنشئها آباء وأمهات مثليين/ات تختلف إلى حد كبير عن الأسرة النووية التي يتربى أطفالها لأباء من جنسين مختلفين. يتضمن المفهوم التقليدي للأسرة التي تربي الأطفال على العديد من الافتراضات: أن يكون هناك والدان، وأن يكونا من جنسين مختلفين، وأن يكونا شريكين رومانسيين لبعضهما البعض، وأن يعيشوا تحت سقف واحد، وأن يكونا كلاهما مرتبطين بيولوجيا بالأبناء الذين يربونهم، وأن يتم الاعتراف بهم قانونًا كعائلة. هذه الأسرة النووية المكونة من الأم والأب هي النموذج الوحيد في الثقافة التي تعتبر جميع النماذج الأخرى منحرفة، ولكنها أيضًا تفترض أنها هيكل مثالي لنمو الطفل، مقارنةً بجميع التكوينات الأخرى التي يُنظر إليها على أنها ذات عيوب يجب التغلب عليها.
الإشكاليات القانونية داخل الأسر المثلية
من نقص الاعتراف الأبوي إلى نقص الوصول إلى الرعاية الصحية، هذه بعض أكبر القضايا التي تواجه العائلات اليوم. تواجه العائلات التي تتضمن أحد الوالدين أو طفل/ طفلة مثلي/ مثلية الجنس أو عابر/ عابرة جنسيًا العديد من التحديات التي لا تواجهها العائلات الأخرى. تستثني بعض القوانين الأزواج من نفس الجنس بينما تستهدف القوانين الأخرى الأطفال العابرين جنسيًا. ويصعب على الأشخاص من مجتمع الميم العيش والازدهار نتيجة لتعرضهم للتمييز. حيث تواجه تلك العائلات مجموعة كاملة من الإشكاليات التي لا تضطر العائلات مغايرة الجنس إلى القلق بشأنها.
عبء الإثبات
غالبًا ما يتم وضع توقعات مختلفة على الأزواج من نفس الجنس مقابل الأزواج من جنسين مختلفين فيما يتعلق بإثبات حالة علاقتهم للحصول على حقوقهم القانونية. على سبيل المثال، غالبًا ما يتعين على الأزواج من نفس الجنس توثيق علاقتهم (باستخدام رخصة الزواج، ووكالة قانونية، وما إلى ذلك) داخل المستشفى قبل أن يُسمح لهم بالمشاركة في رعاية شريكهم. عادة لا يتعين على الأزواج من جنسين مختلفين تقديم دليل على أنهم متزوجون.
الاعتراف بالأبوة
إذا أنجب زوجان مغايري الجنس طفلًا، فإنهما يصبحان الوصيان القانونيان للطفل تلقائيًا، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للأزواج من مجتمع الميم. سواء أنجبوا طفلًا عن طريق أم بديلة أو بمساعدة متبرع بالحيوانات المنوية والتلقيح الصناعي، فقد لا يتم إدراج الآباء/ الأمهات المثليين/ المثليات المتزوجين/ المتزوجات على شهادة ميلاد طفلهم.
بغض النظر عما إذا كانت الأسرة منفتحة بشأن كونها من أباء أو أمهات مثليين/ مثليات فإن عدم الاعتراف القانوني بوالد غير بيولوجي له تأثير عميق على ديناميكيات الأسرة الداخلية وعلى الطريقة التي يتم بها دمج الأسرة في مجتمعها وعائلاتها الممتدة. يكمن أن يتسبب ذلك أيضا في مشاعر قلق هائلة بالنسبة لأحد الوالدين الذي يُربي طفل قد يُحرم منه إذا توفي الوالد القانوني. كما قد لا يرغب الأجداد في الانخراط في تربية طفل لا تربطهم به علاقات قانونية. وقد لا يمنح أصحاب العمل إجازة عائلية للأبوين أو يعترفون بحالات الطوارئ العائلية. وأيضا لن تغطي التأمينات طفل لوالد غير قانوني.
ويكون الوضع خطيرًا بشكل خاص عندما ينفصل زوجان مثليان لديهما أطفال. حيث إن عدم الاعتراف بهم قانونًا كأسرة يخلق خطرًا حقيقيًا من أن ترتيبات الحضانة والوصول التي يتم إجراؤها لن تكون في مصلحة الطفل الفضلى.
الإجازة الأبوية مدفوعة الأجر
عندما يكون لدى الشركات سياسات تضمن إجازة عائلية مدفوعة الأجر، فقد لا تشمل العديد من الهياكل العائلية للمثليين والمثليات. على سبيل المثال، قد تمنح الشركات فقط إجازة عائلية مدفوعة الأجر للوالدين المتزوجين، بينما يختار بعض الأزواج من نفس الجنس عدم الزواج.
الرعاية الصحية
الأقليات الجنسية أقل عُرضة بمرتين للحصول على تأمين صحي مقارنة بالأشخاص المغايرين جنسيا. الأمر الذي يتجسد في صورة مشكلة في الحصول على جميع أنواع الرعاية الطبية، بما في ذلك الرعاية الطبية للأفراد العابرين جنسياً.
وعندما يحصل الأزواج المثليين على تأمين صحي، قد لا يغطي تأمينهم خيارات الخصوبة التي يحصل عليها الأشخاص مغايرين الجنس. حيث إنه غالبًا ما يتم كتابة سياسات التأمين المتعلقة بعلاجات الخصوبة بطريقة تنطبق فقط على الأزواج المغايرين جنسيا.
تفاوت الدخل
يعيش 22% من الأشخاص من مجتمع الميم في فقر مقارنة بـ 16% من الأشخاص المغايرين جنسيا، وفقًا لمعهد ويليامز. ويعاني الأشخاص المغايرين جنسيًا والنساء ثنائيات الميول الجنسية من معدل فقر يبلغ 29%. كما أن الأشخاص من مجتمع الميم ذوي/ات البشرة الملونة هم أكثر عرضة للعيش تحت خط الفقر.
الإشكاليات الدينية داخل الأسر المثلية
زواج المثليين/ المثليات
يرفض العديد من المنظمات أو المسؤولين الدينيين المشاركة في احتفالات الزواج التي تشمل زوجين من نفس الجنس. في حين أن هذا ليس غير قانوني، إلا أنه عائق نادرًا ما يتعين على الأزواج من جنسين مختلفين مواجهته.
أحد الحجج التي تطرحها الجماعات الدينية في محاولاتها لمنع الزواج من نفس الجنس، هي أن مثل هذه العلاقات تخالف طبيعة الأسرة التقليدية. وهذا صحيح إلى حد ما، حيث لم يُعتقد تقليديًا أن العائلات تشمل والدتين أو والدين. لكن هذا لا يعني أن مثل هذه الأسرة غير فعالة أو غير قادرة على توفير نفس الفوائد التي تعيشها الأسرة التقليدية مع أم واحدة وأب واحد.
ولكن على العكس، يُزعم أن أفضل فرصة لإنجاح الزواج تتمثل في تكوين أسرة قوية، وهو ما يعني بالنسبة لمعظم الجماعات الدينية عائلة تتكون من والدين من جنسين مختلفين. وبالتالي، فإن السماح بزواج المثليين/ المثليات يشير إلى المساواة في قدرتهم على تربية الأطفال، وهو ما يقترحون أنه غير صحيح. ومع ذلك، تظهر الدراسات والإحصاءات أنه لا توجد اختلافات كبيرة بين الأطفال الذين يربيهم الأزواج من جنسين مختلفين مقابل الزوجين من نفس الجنس.
وبالنظر إلى الكتاب المقدس، تجادل الجماعات الدينية أيضا أن أحد أعلى أهداف الزواج هو التكاثر وإنجاب الأطفال. وهو ما يعد مستحيل جسديًا على الأزواج من نفس الجنس، وبالتالي فمن شأنه أن يحرمهم من أداء واجبات الزواج، كما ينظر إليها المتدينون. وعلى الرغم من ذلك، نجد أن هناك أزواج من جنسين مختلفين لا ينون أبدًا إنجاب أطفال أو غير قادرين جسديًا على الحمل. وبذلك، لا ينبغي أن يكون ذلك اعتبارًا يحد من قدرة المثليين على الدخول في مؤسسة الزواج.
التبني
يواجه الأزواج من نفس الجنس صعوبة في التبني، حيث إنه وفقًا للعديد من المسيحيين المحافظين، فإن المثلية الجنسية هي سلوك متغير وغير طبيعي ومنحرف، وهي نمط حياة مختار. وبشكل عام، يعتقدون أيضًا أن هذا السلوك مدان في الكتاب المقدس ويكرهه الله.
فعلى سبيل المثال، تعتقد خدمات المجتمع الكاثوليكي (CSS)، وهي وكالة رعاية تبني في فيلادلفيا، أن الزواج من الناحية الدينية “هو رابطة مقدسة بين رجل وامرأة”. ووفقًا للوكالة، تُعتبر شهادة العائلات المحتملة المستقبلية تأييدًا لعلاقاتهم، وبناءً على ذلك، فإنها لا تعتمد الأزواج غير المتزوجين بغض النظر عن توجههم الجنسي أو الأزواج من نفس الجنس الذين تزوجوا.
ولأكثر من خمسين عامًا، قدمت الوكالة خدمات التبني للمدينة في إطار عقد مع مدينة فيلادلفيا واستمرت في الالتزام بمعتقداتها الدينية. ولكن في عام 2018 اكتشفت فيلادلفيا أن الوكالة سترفض العمل مع الأزواج المثليين الذين يرغبون في التبني، فقررت المدينة وقف إرسال الأطفال المحتاجين للرعاية إلى الوكالة.
قبول المثليين/ المثليات في الجماعات المتدينة
يواجه المثليين/ات المتدينين/ات صراع آخر يتمثل في الضغط الذي يضعه عليهم الآخرين الذين ينتمون إلى الدين، سواء نفس الدين أو دين آخر. العديد من المسيحيين الذين يتحدثون عن إيمانهم لا يترددون في أن يعلنوا اعتقادهم بأن الأشخاص الذين يعترفون بميولهم المثلية هم خطاة. يقول العديد من الأفراد المثليين/ات إنهم تعرضوا للنبذ أو الانتقاد أو الصراخ، حتى خلال الخدمات الكنسية.
بالنسبة لبعض المسيحيين، فإن الافتراض المجرد بأن المثلية الجنسية والمسيحية يمكن أن يتوافقا معًا يعتبر أمرًا سخيفًا. والعديد من المسيحيين يعتبرون قبول المثلية الجنسية المتزايد تهديدًا لإيمانهم ويشعرون بالحاجة إلى الدفاع عنه بشكل عدواني.
المصادر:
https://www.fatherly.com/love-money/big-issues-facing-lgbtq-families-today
https://parenthood.library.wisc.edu/Martin/Martin.html
https://blog.ipleaders.in/religious-beliefs-about-adoption-by-lgbt-couples/
https://digitalcommons.chapman.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1035&context=e-Research
https://scholarsarchive.byu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1037&context=intuition