تأليف: باولا بروفيتا
ترجمة: نور خالد
تعد النساء غير ممثلات بشكل كافٍ في مواقع صنع القرار على مستوى العالم. ومع ذلك، من المعروف أن المساواة بين الجنسين والتنوع لهما آثار مفيدة على المنظمات والمؤسسات والاقتصاد ككل. تقدم هذه المقالة أدلة على أن إزالة السقف الزجاجي- الحواجز غير المرئية التي تمنع النساء من الوصول إلى المناصب العليا- قد لا يؤدي فقط إلى المزيد من المساواة ولكن أيضًا إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الكفاءة.
وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2016، لم يتم غلق سوى 59٪ من الفجوة بين الجنسين في الفرص الاقتصادية حول العالم. وبمعدل التغيير الحالي، سيستغرق الأمر 170 عامًا أخرى لإغلاق هذه الفجوة.
تمثل سياسات تسريع عملية تحقيق المساواة الاقتصادية بين الجنسين وتمكين المرأة محور النقاش في العديد من دول العالم. حيث تعتبر المساواة بين الجنسين أولوية قصوى، ليس فقط لأن المساواة بين الرجال والنساء هي في حد ذاتها هدف تنموي مهم، ولكن أيضًا لأن مشاركة المرأة الاقتصادية تمثل “جزءًا من معادلة النمو والاستقرار”.
وبما أن النساء يشكلن أكثر من نصف السكان، ويتمتعن بالمواهب ورأس المال البشري والإنتاجية التي تضاهي الرجال، فإن الاقتصاد العالمي سيستفيد بشكل كبير من زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. كما أن غياب المرأة عن مواقع القيادة يتعارض مع استراتيجية الاستفادة من المواهب لتعزيز الأعمال والأداء، وهذا الأمر ذو أهمية خاصة في أوقات النمو الاقتصادي المعتدل.
في البلدان النامية، تتشابك المساواة بين الجنسين والتنمية، فالمزيد من المساواة بين الجنسين يخلق الظروف التي تعزز التنمية الاقتصادية وتساهم في النمو الاقتصادي، بينما يؤدي المزيد من التنمية إلى المزيد من المساواة بين الجنسين. في البلدان المتقدمة، تحظى النساء عادةً بتعليم أكثر من الرجال، ويمثلن قيمة إيجابية حاسمة للاقتصاد ويساهمن بشكل كبير في النمو الاقتصادي، فزيادة عدد النساء في سوق العمل تترجم إلى زيادة كبيرة في إجمالي الناتج المحلي.
ولكن عندما ننتقل من مشاركة القوى العاملة إلى تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار، تتفاقم الفجوات بين الجنسين. حتى في البلدان التي تشارك فيها النساء في سوق العمل بأعداد كبيرة، لا يصل سوى عدد قليل إلى المناصب العليا.
ومع ذلك، فإن الآثار الإيجابية للمساواة بين الجنسين والتنوع تصبح أكثر وضوحًا عندما نركز على مواقع صنع القرار. ركزت العديد من الدراسات السابقة على فوائد التنوع، فإشراك كل من الرجال والنساء في عملية صنع القرار يوسع الآفاق، ويزيد الإبداع والابتكار، ويوفر تنوعًا في المواهب والقدرات، ويقلل النزاعات، ويحسن عملية صنع القرار، وقد يمثل بشكل أفضل مختلف المساهمين في الشركة. علاوة على ذلك، تظهر المساواة صورة مؤسسية أفضل عندما تكون القيادة متوازنة بين الجنسين.
أيضا، يساهم أسلوب القيادة النسائية في التنوع، فالنساء أكثر قدرة على التعامل مع العلاقات الشخصية الصعبة، ويولين اهتمامًا أكبر باحتياجات الناس، ويميلن إلى منع وحل النزاعات، ويشاركن وجهات نظرهن بسهولة أكبر مع الآخرين ويبذلن جهودًا للتوصل إلى اتفاقات، ويراقبن ويقدمن ملاحظات بشكل أكثر كثافة.
وقد يؤدي فتح المنافسة أمام النساء أيضًا إلى تأثير إيجابي في اختيار المرشحين للمناصب، حيث سيتم اختيار مرشحين أفضل إذا تم توسيع مجموعة المرشحين لتشمل النساء والرجال على حد سواء وكانت المنافسة أكثر صرامة. وأخيرًا، قد يؤدي وجود قيادة أكثر توازناً بين الجنسين إلى تحفيز المزيد من النساء على أن يصبحن أكثر تنافسية في السعي للحصول على مناصب مماثلة، وبالتالي توسيع مجموعة المواهب بشكل أكبر، مما يؤدي إلى مكاسب في الكفاءة.
لكن احتمال انخفاض الجودة العامة يُعدّ أحد المخاوف الرئيسية عند تعزيز توازن الجنسين في المناصب القيادية، وتبرز هذه المخاوف بشكل خاص فيما يتعلق بنظام الحصص الإلزامية للنوع الاجتماعي، الذي يفرض تحقيق نسبة محددة من الجنسين في المناصب القيادية.
يجادل معارضو نظام الحصص بأن هذه الحصص تُخالف مبدأ الجدارة. ويرون أن فرض حصص يجبر المؤسسات على اختيار موظفات أقل تأهيلا على حساب رجال ربما يكونون أكثر كفاءة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع الأداء ويقوض مبادئ الجدارة ذاتها.
ومع ذلك، فإن هذه الآثار السلبية المزعومة ليست مقنعة، فالنساء في البلدان المتقدمة عادةً ما يتمتعن بتعليم عالٍ، وبالتالي قد لا يعود السبب في ضعف تمثيل النساء إلى افتقارهن إلى الكفاءة أو المؤهلات، بل إلى وجود تمييز إحصائي، أي أن الأفراد يتم الحكم عليهم بناءً على الخصائص المتوسطة لمجموعة ما بدلاً من خصائصهم الفردية، ونتيجة لذلك، على الرغم من توافر نساء مؤهلات، إلا أنهن غالبًا لا يتم أخذهن في الاعتبار في عملية الترقية والتقييم.
بالتالي، لا يؤدي التمييز إلى نتائج غير متكافئة فحسب، بل إنه يخلق أيضًا خسائر في الكفاءة، بما في ذلك إهدار المواهب والافتقار إلى الحوافز للاستثمار في رأس المال البشري من قبل المجموعة التي تتعرض للتمييز ولصالحها، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تخصيص غير كفء للموارد. عندما تجبر إجراءات العمل الإيجابي الشركات على البحث بنشاط عن النساء، يتم تعيين أكثر النساء كفاءة وقد تزداد الجودة العامة بالفعل، من خلال تقليل الخسائر في الكفاءة المرتبطة بالتمييز، قد تولد هذه الإجراءات مكاسب في الكفاءة.
المساواة بين الجنسين في صنع القرار لها نتائج اقتصادية إيجابية، فعندما تكون النساء مؤهلات بدرجة عالية وأكثر مسؤولية وأقل قابلية للفساد من الرجال، فإن هذا يؤدي إلى ظهور مكاسب في الكفاءة. والنتيجة هي مؤسسات ومنظمات ذات جودة أعلى، وتأثير إيجابي على النتائج الاقتصادية والأداء، وأجندة سياسية جديدة.
لقراءة المقال باللغة الإنجليزية: